المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي


أم مروة
06-22-2020, 10:15 PM
قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ﴾ [ص: 45 - 48].


المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى قَصَصَ داود وسليمان وأيوب، وما فيها مِن الأسوة، أَتْبَعَ ذلك بذكر إبراهيم ومَن معه؛ ليتأسَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا، وليتسلى بذكرهم، وليكون حجة على العرب الذين قالوا: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ﴾ [ص: 5]؛ لأنهم يعظمون إبراهيم وملته التوحيد.


القراءة:
قرأ الجمهور (عبادنا) على الجمع، وقرئ (عبدنا)، وقرأ الجمهور (الأيدي) بالياء، وقرئ (الأيد) بغير ياء، وقرئ (بخالصة) بالتنوين، وقرئ بغير تنوين أيضًا، وقرأ الجمهور (الْيَسَعَ)، وقرئ (اللَّيْسَع) بتشديد اللام وسكون الياء.


المفردات:
(الأيدي) بثبوت الياء جمع (يد)، وكَنَّى بذلك عن كثرة أعمالهم الجليلة، وخص اليد لأن أكثر الأعمال بها، ولأن الذي لا يسخر جوارحه في طاعة الله كأنه لا جوارح له، وأما قراءة (الأيد) بغير ياء فقيل: هي الأيدي بالياء وحذفت الياء تخفيفًا؛ لدلالة الكسرة عليها، وقيل: الأيد القوة وهذا هو الأصل، (الأبصار) جمع بصر وهي الجارحة، والمراد أنهم المنتفعون حقيقةً بأبصارهم كما أنهم هم المنتفعون حقيقةً بأيديهم، (أخلصناهم) خصصناهم، (بخالصة) بخصلة عظيمة لا شوبَ فيها، (ذكرى) تذكر، (الدار) الآخرة، (المصطفين) المختارين من بين أبناء جنسهم، (الأخيار) جمع خيِّر وهو الفاضل الكريم، (اليسع) أحد أنبياء بني إسرائيل وهو خليفة إلياس عليه السلام فيهم، (ذو الكفل) قيل: هو إلياس عليه السلام، وقيل: هو يوشع بن نون عليه السلام، وقيل: هو نبي آخر اسمه ذو الكفل، وقيل: كان رجلًا من الصالحين.


التراكيب:
قوله: (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب) معطوف على (اذكر عبدنا أيوب)، وإبراهيم، وما عطف عليه بدل من عبادنا أو بيان له، وقيل: نصب إبراهيم بإضمار أعني، والباقي عطف عليه، ومن قرأ (عبدنا) بالإفراد فإبراهيم وحده بدل، أو بيان له، أو منصوب بـ"أعني"، وقيل: يجوز أن يكون (عبدنا) للجنس فيكون كالقراءة الأولى.


وقوله: (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) تعليل لما وصفوا به من شرف العبودية، والباء في قوله: (بخالصة) للتعدية إن كان (أخلصناهم) بمعنى خصصناهم، وللتعليل إن كان (أخلصناهم) بمعنى: جعلناهم خالصين، والتنوين في (خالصة) للتفخيم، ومَن قرأ (بخالصة) بالتنوين فـ(ذكرى) بدل منه أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هي ذكرى، ومن قرأ بغير تنوين فيخرج على أن خالصة مصدر بمعنى إخلاص، فيكون مصدرًا مضافًا لمفعوله، و(ذكرى) كذلك مصدر مضاف لمفعوله، و(أل) في الدار للعهد؛ أي: الدار الآخرة للإشعار بأنها الدار الحقيقية، وقوله: (وإنهم عندنا لَمِن المصطفين الأخيار) معطوف على الجملة التي قبله؛ لتأكيد مضمونها، وقوله: (عندنا) من صلة الخبر الذي هو متعلق الجار والمجرور.


وقوله: (واذكر إسماعيل) عطف لـ"اذكر" على (اذكر عبادنا)، وخص إسماعيل بـ"اذكر"، ولم يعطفه على أبيه وأخيه وابن أخيه اعتناء بشأنه؛ من حيث إن بنيه جميعًا من العرب، لا يشارك العرب فيه غيرهم، وإشادة بذكره الذي حاول اليهود - قبَّحهم الله - إخفاءه؛ إذ حذفوا من التوراة تاريخه، ولم يبقوا من ذكره سوى ولادته وإبعاده وهو صغير إلى برية فاران؛ كل هذا لحقدهم على العرب، وعصبيتهم لبني إسرائيل.


واللام في (اليسع) زائدة لازمة لمقارنتها للوضع، ولا ينافي هذا كونه غير عربي، فإنها قد لزمت في بعض الأعلام الأعجمية كالإسكندر، وقد لحَّن التبريزي من قال: إسكندر، بلا لام، وقيل: هو اسم عربي منقول من يسع مضارع وسع، و(أل) فيه للمح الأصل، ولا أستبعد هذا لتداخل اللغات وعدم ضبط تاريخ استعمال اللفظ، وأما من قرأ (الليسع) فقيل: هو كذلك علم أعجمي دخلت عليه اللام، وقيل: أصله ليسع كفيعل من اللسع، دخلت عليه (أل) للمح أصله، والتنوين في قوله: (وكل من الأخيار) عوض عن المضاف إليه، والتقدير: وكل المذكورين من الأخيار.


المعنى الإجمالي:
وتذكَّر يا محمد قصة عبادنا: إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب أصحاب الأعمال الجليلة والمعارف النافعة، المنتفعين حقيقة بأيديهم وأبصارهم، إنا خصصناهم بخصلة خاصة بهم هي تذكر دار الآخرة، والدعوة إلى عمارتها، وإنهم لدينا من المختارين الجديرين بهذا الاختيار؛ لشرف نفوسهم وكريم سجاياهم، وتذكر قصة إسماعيل واليسع وذي الكفل وكل المذكورين من أهل الخير والصلاح.


ما ترشد إليه الآيات:
1- ثناءُ اللهِ عز وجل على هؤلاء المرسلين.
2- أنه لا فائدةَ في الجوارحِ إذا لم تثمرِ العمل الصالح.
3- أن هؤلاء هم طلابُ دار الآخرة.
4- أن اللهَ اختارهم.
5- هم أَهْلٌ لأنْ يُختاروا.

شغف
06-23-2020, 08:06 AM
جزاك الله خير
وبارك فيك

أم مروة
06-29-2020, 04:13 PM
أشكركم على مروركم الكريم

♣♪ Amal
07-11-2020, 11:26 AM
إنتقآء فآق الجمال
ربي يسعدك ام مروة
بنتظار جديدك دووم

الأستــاذ
08-06-2020, 11:10 AM
جزاك الله خيرا

وجعله بموازين حسناتك

وبارك الله في عمرك وعملك

ميروَ ،
10-01-2020, 09:52 PM
يعافيك ربي على هالطرح الرائع والجميل ..
سلمت اناملك على الموضوع الاكثر من روعه ،
بنتظارجديدك القادم ~،

أريسا
10-02-2020, 06:09 PM
جزاك الله خير الجزاء
جعله الله في ميزان حسناتك