المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يهديهم ربهم بإمانهم


شغف
09-15-2022, 05:56 PM
سلسلة تأملات تربوية في بعض آيات القرآن الكريم
"يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ "
"يَهْدي بِهِ اللَّهُ"

إن الهداية أمر يَشغل بالَ كل مؤمن عاقل، فهو يبحث عنها ليلَ نهارَ
فنحن ندْعوه دائمًا قائلين: ﴿ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ ﴾، وقد جعلها الله
في فاتحة الكتاب، ندعوه بها في كل صلاة.
ولكن هل كلُّ من يدعو ربَّه بالهداية يستجيب الله له؟
ولو سألتَ عن ذلك، تجد الكثير يقول: لقد دعوتُ الله كثيرًا:
﴿ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ﴾، ولم يستجب الله لي، فلو شاء لهداني.
فقد جاء هذا التعبيرُ في عدد من الآيات القرآنية:
﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [المدثر: 31].
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النحل: 93].
وهناك من المنافقين وضِعاف الإيمان من يتخذون هذا ذريعةً للتنصُّل من تكاليف
الإسلام، وهناك من يحارب الدين الإسلاميَّ من المشركين والمشكِّكين في الدين
الإسلامي من خلال ذلك، وهذا ما قاله المشركون أيضًا من قبلُ:
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ
كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا
إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148].
ولكن القرآن الكريم يوضِّح لنا الأم، فالقرآن الكريم يفسِّر بعضه بعضًا.

فلننظُرْ إلى قول الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9].
ففي هذه الآية الكريمة قال الله تعالى: ﴿ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ﴾ دقِّقْ وتمعَّن
جيدًا، (يهديهم) فعل مضارع، والفاعل هنا ﴿ ربُّهم ﴾، ولكن هذه الهداية وسيلتُها
﴿ بإِيمَانِهِمْ ﴾؛ أي إن هذه الهداية تتم بإيمان الإنسان.
ثم انظر ما سبق هذا الفعل (يهديهم):
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، هنا فعل ماض (آمَنُوا)، وفعل ماض آخرُ
﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، وهذان الفعلان سبَقا عمليةَ هداية ربِّهم لهم.
أي إن هداية الله لهم لا تتم إلا لمن آمَنَ وعمل الصالحات أولًا.
فمن أراد هداية الله له، لا بد له من الإيمان بالله ومنهجه في الحياة، والعملِ بهذا المنهج
﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 162، 163].
ثم لنأتِ في آية أخرى لقول الله تعالى: ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 16].

نجد أن هداية الله لا تكون إلا لمن اتبَع رضوان الله أولًا.
وهنا نجد فعل (اتبَع) ماضيًا، وهو ما قام به الإنسان أولًا، ثم جاء
فعل (يهدي) مضارعًا؛ أي تاليًا لاتِّباع منهج الله.
أي بسبب هذا الإيمان الذي يصل ما بينهم وبين الله، يفتح الله بصائرَهم
على استقامة الطريق، ويهديهم إلى الخير.
فإذا اتبعتَ رضوان الله وتحرَّيتَ مرضاته، فإنه تعالى يشاء حينئذٍ:
1- هدايتك إلى سُبُل السلام.
2- ويُخرجك من الظُّلمات إلى النور.
3- ويهديك إلى صراطٍ مستقيم.
والواجب على الفرد الأخذُ بالأسباب، ومجاهدة النفس على سلوك طريق الحقِّ
والتوكُّلُ على الله تعالى؛ فالهداية تكون بإرادة العبد لها، وبالتوفيق والعون من الله تعالى.

أخي المسلم، باختيارك، ونيَّتِك، وسعيك لما تريد، يكون الله
معك فيه؛ اقرأ قول الله في سورة الليل:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا
مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي
عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾ [الليل: 5 - 12].
بل إن الله يُسرِع إليك كلما همَمتَ بالقُرب منه؛ انظر قول ربِّك في الحديث القدسي:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه
عن ربه عز وجل، قال: ((إذا تَقرَّبَ العبدُ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، وإذا تقرَّبَ
إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيتُه هرولة)) (رواه البخاري).
أخي المسلم، هل شعرتَ يومًا بمعيَّة الله معك، فإن لم تشعُرْ بها
فأنت الذي بدأتَ بالبعد عن الله.
ما أحلى القربَ من الله! ألم تقرأ قول امرأة فرعون
وهي في بيت (فرعون) تقول:
﴿ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ
وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11].
اللهم اجعلنا مع الذين قلتَ فيهم:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].

أ. د. فؤاد محمد موسى

7ssass
09-16-2022, 07:37 AM
.

.

اللهم آمين

أسأل الله يجزيكِ عنا كل خير
وأن يباركـ لنا فيما إخترتيه من [روحانيات إيمانيه]
نعمنا وإستفدنا .. بآركـ الله فيكِ
رعآكم الرحمن

ابو الملكات
10-06-2022, 06:22 AM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

ابو الملكات
10-06-2022, 06:24 AM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

نـَغمَـة سَـاهِـيـه
10-07-2022, 09:33 PM
اللهم آمين ي رب
ويـ الله قربنا إليك قُربًا يرضيك
,
بآرك الله فيكِ وفي طرحكِ المبآركِ
المحمل بالنفع والبركةِ أحسنتِ بالنقلِ (شغف)
/
دمتي بين أرجآء حسآس ولاعدمنآ
هالحضورِ وكل جديدِ منكِ
.
.

لـــظى
01-11-2023, 02:03 PM
ياسمِين ومرْجِ أُقحوانٍ كان جلبُك ..

العسل قلبي
02-02-2023, 06:20 AM
الله يجزاااك كل خير
على اختيارك القيم للطرح