قال ابن كثير في تفسير الآية :
" وَلَا تَجَسَّسُوا "
أَيْ عَلَى بَعْضكُمْ بَعْضًا
وَالتَّجَسُّس غَالِبًا يُطْلَق فِي الشَّرّ ،
وَمِنْهُ الْجَاسُوس ،
وقال القرطبي : وَمَعْنَى الْآيَة :
خُذُوا مَا ظَهَرَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَات الْمُسْلِمِينَ ,
أَيْ لَا يَبْحَث أَحَدكُمْ عَنْ عَيْب أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِع عَلَيْهِ بَعْد أَنْ سَتَرَهُ اللَّه .ا.هـ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ
: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" إِيَّاكُمْ وَالظَّنّ فَإِنَّ الظَّنّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ
وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا
وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا "
رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (6064) ، وَمُسْلِم (2563) .
قَوْله تَعَالَى :
" اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ , إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم ,
وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا "
فَدَلَّ سِيَاق الْآيَة عَلَى الْأَمْر بِصَوْنِ عِرْض الْمُسْلِم غَايَة الصِّيَانَة
لِتَقَدُّمِ النَّهْي عَنْ الْخَوْض فِيهِ بِالظَّنِّ , فَإِنْ قَالَ الظَّانّ أَبْحَثُ لِأَتَحَقَّق ,
قال الحافظ ابن حجر :
وَأَمَّا الْوَعِيد عَلَى ذَلِكَ :
بِصَبِّ الْآنُك فِي أُذُنه فَمِنْ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل .
وَالْآنُك بِالْمَدِّ وَضَمّ النُّون بَعْدَهَا كَاف الرَّصَاص الْمُذَاب ,
وَقِيلَ هُوَ الْخَالِص الرَّصَاص .ا.هـ.
ونقل الحافظ عن اِبْنِ أَبِي جَمْرَة ما نصه :
وَقَالَ فِي مُسْتَمِع حَدِيث مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاعه :
يَدْخُل فِيهِ مَنْ دَخَلَ مَنْزِله وَأَغْلَقَ بَابه وَتَحَدَّثَ مَعَ غَيْره فَإِنَّ قَرِينَة حَاله تَدُلّ
عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيد لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَمِع حَدِيثه فَمَنْ يَسْتَمِع إِلَيْهِ يَدْخُل فِي هَذَا الْوَعِيد ,
وَهُوَ كَمَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ مِنْ خَلَل الْبَاب فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيد فِيهِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ فَقَئُوا عَيْنَهُ لَكَانَتْ هَدَرًا
قد ورد النهي خصوصا عن تتبع عثرات الأهل أو تخونهم.
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن
يطرق الرجل أهله طروقا،
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقا.
متفق عليه.
وفي رواية مسلم:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله
ليلاً يتخونهم أو يتلمس عثراتهم.